کد مطلب:239620 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139

مقتل الفضل بن سهل
و نجح المأمون فی تنفیذ أحد جزئی مهمته، و فشل فی تنفیذ الجزء



[ صفحه 391]



الآخر، و الأهم منها ؛ فقد نجا الامام (ع) بفضل وعیه و یقظنه، و وقع الفضل فی الشرك وحده و قتل بتدبیر من المأمون، فرضی بذلك العباسیون . و قتل قتله ، فرضی الحسن بن سهل، و الخراسانیون .

و مجمل قضیة قتل الفضل هنا : « أن المأمون لما رأی انكار الناس ببغداد لما فعله من نقل الخلافة الی بنی علی، و أنهم نسبوا ذلك الی الفضل بن سهل، و رأی الفتنة قائمة و لا یستطیع أن یقتل الفضل جهارا لمكان أخیه الحسن بن سهل ، و كثرة من معه من الرجال [1] فأعمل الفكرة فی ذلك، و دس جماعة لقتل الفضل ...

و الذین قتلوا الفضل كانوا خمسة اشخاص من حشم المأمون، أحدهم : خاله غالب ؛ فأخذوا وجی ء بهم الیه ؛ فقالوا : أنت أمرتنا بقتله !! .. فقال لهم: أنا أقتلكم باقراركم، و أما ما ادعیتموه : من أنی أنا أمرتكم بذلك ؛ فدعوی لیس لها بینة . تم أمر بهم فضربت أعناقهم، و حمل رؤوسهم الی الحسن آخی الفضل، و أظهر الحزن علیه .. » [2] !! كما أنه قد اقصی قوما من قواده سماهم الشامتة ؛ و اظهر علیه أشد الجزع كما نص علیه الیعقوبی . و واضح أن قتله لقتلة الفضل، ثم ارساله رؤوسهم الی الحسن، ثم اظهاره للحزن علیه لخیر دلیل علی دهائه و حنكته السیاسیة ..

بل ذكر المسعودی، و یظهر ذلك من غیره أیضا : أن المأمون قتل



[ صفحه 392]



الفضل بن سهل بیده، و أنه باشر قتله بنفسه [3] ، و لعله اتهم هؤلاء من أجل أن یبعد التهمة عن نفسه لاسباب سیاسیة لا تكاد تخفی و من أهمها أن لا یفسد علیه الحسن بن سهل و من معه و الخراسانیین .

و تحسن الاشارة هنا الی ما قدمناه من عرض المأمون علی الفضل أن یزوجه ابنته - علی الرغم من استهجان تزویج بنات الخلفاء من غیر ذوی قرباهم، فرفض الفضل العرض، و شكر المأمون، و جهد المأمون الجهد كله فی اقناعه، فلم یفلح !! . و قال له : لو صلبتنی ما فعلته [4] .

فان عرضه هذا، و جهده فی اقناعه ما كان الا شركا منه للتجسس و الایقاع بالفضل علی یدها، كما فعل بالجواد و الرضا (ع) .. و عندما لم یفلح فی اقناع الفضل، و فشلت مؤامرته، دبر قضیة حمام سرخس، و نحج فی تدبیره ذاك كما عرفنا ..

و قبل أن نمضی فی الحدیث یحسن بنا أن نشیر الی ما ذكره الاصفهانی فی أغانیه ، فیما یتعلق بمقتل الفضل، حیث قال ما ملخصه : ان ابراهیم ابن العباس الشاعر كان من خواص الفضل بن سهل . و جعله كاتبا لعبدالعزیز بن عمران ؛ فلما دبر المأمون قتل الفضل، و ندب الیه عبدالعزیز ابن عمران . علم ابراهیم بذلك، فأخبر به الفضل، فأظهره للمأمون، و عاتبه علیه .. و بعد قتل المأمون للفضل و لقتلته سأل من أین سقط الخبر للفضل ؛ فعرف أنه من جهة ابراهیم ؛ فطلبه ؛ فاستتر، و تحمل ابراهیم بالناس علی المأمون . و جرد فی أمره هشام الخطیب المعروف بالعباسی،



[ صفحه 393]



و كان جریئا علی المأمون، لأنه رباه، فلم یجبه المأمون الی ما سأل [5] الی آخر ما قال .


[1] راجع لطف التدبير ص 166 - 164.

[2] راجع في ذلك : الآداب السلطانية ص 218، و تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 249، و لطف التدبير ص 166-164 و مآثر الانافة ج 1 ص 211، و الكامل لابن الأثير ج 5 ص 191 و 192، و الطبري ج 11 ص 1027، و وفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ج 1 ص 414، و مرآة الجنان ج 2 ص 7، و اثبات الوصية ص 207 . و ليراجع تجارب الامم ج 6 ص 443.

[3] مروج الذهب ج 3 ص 417 ، و يظهر أيضا من : الفخري في الآداب السلطانية ص 218.

[4] الوزراء و الكتاب ص 307.

[5] الأغاني ط الساسي ج 9 ص 13.